رام الله مكس-الحكومة طلبت عدة قروض من البنوك المحلية لتأمين رواتب الموظفين، والمساعدات الأوروبية مستمرة في التوقف خلال الأشهر المقبلة
رام الله - وطن: يدور الحديث في أروقة الحكومة عن وجود أزمة مالية، قد تدفع الحكومة الى عدم قدرتها على صرف رواتب الموظفين العموميين كاملة عن شهر حزيران/يونيو الماضي.
وتحاول الحكومة توفير السيولة النقدية من مصادر مختلفة لصرف راتب كامل للموظفين العموميين عن الشهر المقبل، لكن هذه المحاولات قد لا تنجح في الشهور المقبلة، اذا استمرت المعطيات والايرادات المالية على ما هي عليه.
وقالت مصادر خاصة لوطن ان الحكومة تقدم بطلب قرض لعدة بنوك لكنها رفضت بسبب وصولها الى السقف الاعلى من الاقراض للحكومة، بينما وافق احد البنوك (تتحفظ هيئة التحرير على اسمه) على منح الحكومة قرضا لمساعدتها على الإيفاء بالتزامها بصرف رواتب شهر حزيران /يونيو.
ولفتت المصادر ان سبب ذلك العجز يعود لانخفاض الدعم الخارجي للسلطة، اذ اوضحت المصادر انه لم يرد الى خزينة السلطة منذ بداية العام وحتى شهر حزيران /يونيو اي دعم خارجي لا عربي ولا أوروبي ولا دولي.
ولفتت المصادر ان الاتحاد الاوروبي اعتاد على تحويل مساعدات لرواتب المتقاعدين خلال السنوات السابقة، لكن منذ بداية العام لم يصل شيء للخزينة العامة.
وقال مصدر في الاتحاد الاوروبي لوطن " انه سيستمر عدم تحويل المساعدات المالية لخزينة الحكومة خلال الشهور المقبلة، وهذا قد يؤدي الى ازمة مالية خانقة في موازنة السلطة الفلسطينية"
وقال وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني لـ وطن إن المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية، منذ بداية العام الجاري ولغاية اللحظة تساوي صفراً، مؤكداً أنه لم يدخل للموازنة العامة أية مساعدات مالية خارجة.
وبين خلال حديثٍ خاصٍ لوطن، أن كل مصروفات الحكومة تدفع من الإيرادات المحلية، والتي دائماً ما تواجه فجوة تمويلية تصل شهرياً لحوالي 100 مليون دولار تقوم الحكومة بتغطيتها عن طريق الاستدانة من البنوك المحلية أو من بعض المتأخرات على القطاع الخاص.
وأضاف أنه حسب التقرير الأخير لوزير المالية، ورغم الصعوبات المالية رغم ارتفاع الايرادات المحلية، وإيرادات المقاصة، ارتفعت أيضاً الخصومات والقرصنة الإسرائيلية من أموال المقاصة المستحقة للسلطة الفلسطينية، ما يشكل عبء إضافي على عدم قدرة الموارد المحلية على الإيفاء بكل التزامات الحكومة.
وأوضح أنه برغم الصعوبات المالية إلى أن راتب شهر حزيران سيتم دفعه كاملا، مع توجه الحكومة للحصول على قرض صغير من أحد البنوك المحلية.
وبين أنه من المتوقع أن تكون إيرادات شهر تموز الجاري، وشهر آب القادم، أفضل من الشهرين الماضيين، وبالتالي يمكن تأمين الحد الأدنى من الرواتب والمصاريف الجارية التي تحتاجها الوزارات والمؤسسات.
وحول موقف الإتحاد الأوروبي من تأجيل دفع المساعدات المالية للسلطة، أكد مجدلاني أن قرار الاتحاد الأوروبي ليس سياسياً لأن الحكومة بُلغت بذلك في شهر آذار الماضي، وليس له علاقة بموقف الإتحاد الأوروبي من الانتخابات أو أي قضية أخرى، مبيناً أن السبب يتعلق بقضايا فنية بموازنات الإتحاد وقضايا أخرى، وان تحويل المساعدات المالية كما أبلغونا سيتم في شهر أيلول القادم.
وأضاف "نحن على تواصل وحوار دائم مع الإتحاد الأوروبي، وإذا كان هناك قضايا سياسية، فالعلاقات بيننا منفتحة، وفي حوار صريح ومسؤول وشفاف".
اما عن المساعدات الأمريكية فقد أكد مجدلاني انه " لا يوجد مساعدات مالية مباشرة للخزينة العامة، لأن بعض القوانين الأمريكية تمنع الحكومة الأمريكية من تقديم اي مساعدات للخزينة العامة".
من جانبه قال نصر عبد الكريم، المحلّل الإقتصاديّ والمحاضر في الجامعة العربيّة الأميركيّة، "إن المساعدات المالية الدولية التي تتلقاها السلطة الفلسطينية، تقلصت إلى نقطة الصفر".
ولفت عبد الكريم لوطن "إن حجب المقاصة من قبل الاحتلال، يولد أزمة مالية مؤقتة لدى الحكومة، لكن هناك أزمة موجودة ذات طبيعة دائمة بنيوية، لها علاقة بالإيرادات التي تنمو بوتيرة أقل من نمو النفقات، وبالتالي فإن الأزمة المالية قديمة منذ حوالي 15 عاماً، ما ينتج عنه تراكم الديون."
وأشار إلى أن قيمة العجز لعام 2021 بلغت مليار و200 مليون دولار، في الوقت الذي كان مقرراً أن تصل بعض المساعدات المالية من الخارج التي يبدو أنها لم تصل.
وأضاف أن الأوروبيين على ما يبدو بدأوا يعيدون حساباتهم بخصوص الدعم اللامشروط للسلطة الفلسطينية، لذلك فإن الأزمة المالية ليست بسبب فني أو تقني، بل هي سبب سياسي، خصوصاً بعد إلغاء الانتخابات العامة، اما بالنسبة للولايات المتحدة يبدو أنها لم تعد متحمسة بسبب بطء خطوات بايدن في التعامل مع الملف الفلسطيني"، مشيراً إلى أن مساعدات بايدن ليست لخزينة السلطة مباشرة.
وتابع "كانت السلطة متوقعة أن يدخل إلى خزينتها 700 مليون دولار كمساعدات من الخارج، لكن حتى لو أتت هذه المساعدات فإن الأزمة المالية قائمة".
ولفت إلى أن السبب الأساسي الذي يجعل السلطة لا تستطيع أن تدفع راتب الموظفين كاملا هو عدم استلام المقاصة فقط، لذلك فإن الحديث عن دفع جزء من الراتب هو حديث ليس واقعي، وحتى نهاية العام لا يوجد سبب مقنع بعدم دفع الرواتب كاملة.